الأحد، 10 أغسطس 2014

درسٌ علمني إياه (جدي)




*أردت البارحة أن أُخـْرِجَ الأهل إلى حيث يشعرون ببهجة العيد ويستنشقون أكسجين (فرحته). 



*توازعنا الأغراض وتقاسمنا المهام وسبقتهم إلى موقع مترعٍ بالنخل الباسقات ذات الطلع النضيد 



*وتهب فيه نسمات الليل الباردة الخالية من رواسب الأسمنت وبقايا القطران التي تتشبع بها طرق الرياض البائسة. 




*بدأت وفود العائلة بالتقاطر 
هاهي أمي تخرج من السيارة تتلمح المكان ثم ترمقني بابتسامةٍ طال غياب ارتسامها منذ وفاة خالي رحمه الله


*وهاهي أختي الكبرى تمشي في موكب مهيب حولها صغارها الأربعة يتقافزون  كما تتقافز صغار الطير حول أعشاشها. 


*وهاهو نسيبي يحمل عدة الشوي بينما انشغل أخي الأصغر بإيقاد الفحم وإشعال الجمر. 


*لكنني فقدتُ جدي  فسألتهم أين هو؟ 
أجابتْ خالتي: جدك آثر أن ينام مبكراً واعتذر عن الحضور!!! 

رددتُ بحزن:وماذا لو حضر ونام في الصباح... هل وراءه عمل أو تنتظره وظيفة؟؟؟ 


*أكملنا سهرتنا بحبورٍ طاغي وحميميةٍ ساحرة. 
وكانت ذكرياتُ الصبا تتصدر مشهد حديثنا وتستنفد سحابة ليلنا


*عدنا قبيل الفجر ونحن نـُمنـّي أنفسنا بأمثال رحلتنا هذه في مستأنف أيامنا



*وصلتُ البيت وخرج الأهلُ يستبقون السلم فراعهم الباب وهو يفتح 

إنه جدي يستعد للذهاب إلى المسجد لصلاة الفجر


*سلّم علي مبتسماً ثم سار يطوي الأرض كأنما يبتدر كنزاً يخشى فواته



*نظرتُ مشدوهاً في ساعتي 
بقي على الفجر 20 دقيقة!! 


*تبعتُ جدي لأجده واقفاً عند  المسجد ينتظرُ الحارس يفتح الباب



*أواه ياجدي

هذا الذي منعك من الخروج معنا


هذا الذي جعلك تؤثر النوم على متعة النزهة مع بناتك وأحفادك


*إنه موعدك الذي لم تخلفه من سنوات صرمناها في السهرات واللقاءات وصرمتها أنت في التهجد والتبكير للصلوات 




*ياجدي
أنت لم تشِـخْ بعدُ


بل نحن الذين رُزئنا بشيخوخة العزيمة 

*لقد هرمنا بالتواني
ورأيتك شاباً في الطاعات


*هنيئاً لك نزهتك التي لا تضارعها نزهة ولا تساميها لذة




(الصورة التقطتها لجدي سالم قبل فجر اليوم عند المسجد ينتظر فتح أبوابه)




عبدالله بن أحمد الحويل 
فجر السادس من شوال 1435

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشرف بتلقي تعليقك
ونشكرك على التكرم بالمشاركة