الاثنين، 30 يونيو 2014

قرارٌ عاجلٌ...لايحتملُ التأجيل!!!


تريدُ أن تتوبَ ؟
وترغبُ أن تؤوبَ ؟
حسناً إنه (قرارٌ شجاعٌ)
بل هو أهمُّ (قرارٍ) يمكن أن يتخذه شخص في حياته.

لكن هذا القرار لن يُسعدَ (أبا مـُرّة )!!!
لذا سيضعُ في طريق تنفيذه كلَّ مايسعه من (عراقيل) وسيقذفُ بكلِّ باطله على هذا (الحق) ليدمغه وماهو بدامغ.

لكن (الحمدالله الذي رد كيده إلى الوسوسة ) فقط ، فلا يحسن سواها ولا يُسلـّط علينا بغيرها .
حقاً ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾

وللشيطانِ حيلتان خبيثتان للصدِّ عن سبيلِ التـَّوبة :
الأولى/ قبل العزم على التوبة
وهنا يـُذكــّرك بـ(طاعاتك ) مهما قلــّتْ ويستعرض لك (حسناتك ) مهما صَغــُرتْ.
_أنت تُصلي ، غيرُك لايصلي
_الحمدالله أنت تصدقتَ قبل شهرٍ بريال على عامل نظافة
_لقد اعتمرتَ قـَبلَ سنة والعمرةُ إلى العمرةِ كفـــّارةٌ لمابينهما
_أهمُ شيءٍ برُّك بوالديك
_لقد حججت ومن حج رجع كيوم ولدته أمه.
فإن لم يجدْ لك طاعةً ألقى في روعك:
_يكفي أنك مسلمٌ موحدٌ تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
وهذه مرحلةُ (الأمن من مكر الله)
و ﴿َلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾

فإن لم ينثنِ عزمُك على العودة ولم يضعفْ شوقـُك للتوبة ولم يختفِ حنينك للأوبةِ لجأ عدوُّ الله إلى المرحلة الثانية من خطته اللئيمة

الحيلةُ الثانية / بعد العزم على التوبة
وهنا يُـذكــّرك (عظيمَ خطاياك ) ويـُعدّدُ لك (كبائرَ معاصيك)
_كيف تتوبُ وأنت قد زنيت وسكرت؟
_هل تظنُّ أنّ الله سيغفر لك (سرقاتِك ) ويعفو عن (غدراتِك)؟
_لقد روّجتََ المخدّرات وأفسدتَ الشباب والفتيات فهل تـــُؤمـّل بعد ذلك رحمةً وغـُفراناً؟
_أنت لا تعرفُ المسجدَ ولم تركعْ لله ركعةً واحدةً فكيف تحسبُ أنّ الله سيقبلك في عدادِ عباده الصّالحين؟
_لقد ماتتْ أمُّك وهي غاضبةٌ منك ووالدُك لايفتأ يدعو عليك.

وهكذا يستمرُّ في تعدادِ ما (جلَّ) من عثراتك وما (عَظـُم ) من سيئاتك حتى تقنطَ من رحمةِ الله ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ )
وتيأس من روح الله ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾

والقنوطُ من رحمةِ الله ذنبٌ عظيمٌ وخطيئةٌ كُبرى وقد جاء رجلٌ للنبي ﷺ فقال: يا رسولَ الله ما الكبائر؟ قال: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالْإِيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه)

وإنما كان القنوطُ من رحمة الله بهذه البَشاعة والشَّناعة لأنـّه (سُوءُ ظنٍّ بالله )

أتظنُّ بخالقك أيها المذنب أنـــّه لن يقبل توبتَك وهو الذي ناداك بأرقِ نداءٍ وأعذبِ خطابٍ فقال ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾

أتظنُّ يامسكين أن ذنوبَك مهما تكاثرتْ ومعاصيك مهما تزايدتْ ستكون أعظم من رحمة الله ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ .

والله لو كانتْ ذنوبُك كعدِّ قطراتِ الماءِ وذرّات الهواء ولو بلغتْ عَنان السماءِ ثم أتيتَ خالقك الكريمَ تائباً منيباً ورجعتَ نادماً أسيفاً لغفرها الرحيمُ لك ولا (يُبالي).

أيها العاصي (وكلنا ذلك الوصف):
_عفوُ الله أكبر من معاصيك
_رحمةُ الله أوسع من سيئاتك
_مغفرةُ الله أعظم من غدراتك
_كرمُ الله أجلُّ من عثراتك
_صفحُ الله أكثرُ من هفواتك

مرض سُفيانُ الثـوري فعادَه حمادُ بن سَلـَمة.
فقال سُفيان : يا أبا سلمة ! أترى الله يغفرُ لمثلي ؟
فقال حمّاد : والله لو خُيرت بين محاسبة الله إياي ، وبين محاسبة أبوي ، لاخترتُ محاسبة الله ، وذلك لأنّ الله أرحمُ بي من أبوي.

وتأمل معي قبل أن يستبد بك قنوطك هذه القصة التي جرتْ أحداثُها في العهد العبّاسي.

كان أبو نواس شاعراً ماجناً وأديباً فاجراً حتى لــُقــِّبَ بـ(شاعر الخمريات)

وكان أبو العتاهية (شاعرُ الزُهديات) يكثر نصحه وتذكيره فلا يزدادُ بالنصح إلا غيــّاً ولا يبلغ بالتذكير إلا نفرةً وعناداً.

ولما سَئمَ من تجدّد نـُصحه وأضجره كثرةُ تذكيره بالله قال لأبي العتاهية بكل صلفٍ:
أتـُراني يا عَتاهي تاركاً تلك الملاهي.
أتــُراني مُفسداً بالنُّسكعند القومِ جَاهي.

ومضى في مُجونه لا يردعه دينٌ ولا تحجزه مروءةٌ.

وقدّر الله أن يعتلّ ويمرض ويشتد وجعه فعادَه الناسُ حتى كادت تنخلع عتبةُ بابه من كثرة الزُّوار.

وامتلأتْ دارُه بعامة الناس وخاصتهم لكنه لم يكن يقوى على الكلام ولا يستطيع الحركة

يتحدثُ الناس معه وينشدونه عن حاله فلا ينبسُ لسانـُه بـ(بنت شفة)

وفجأةً شخص ببصره إلى السماء وتحرك لسانه بالهمس والدعاء فاقترب أحدُهم منه فسمعه يُناجي ربـّه قائلاً:
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ

ثم أسلمَ الروح لباريها فـَرُؤي في المنامِ.
قـِيل له: مافعل الله بك؟
قال:غفر لي بالأبياتِ التي قلتها عند وفاتي!!

وبعدُ أيها التّائب:
يا منْ عَدى ثم اعتدى ثم اقترف.
ثم استحى ثم انتهى ثم اعترف.
أبشر بقول الله في آياته.
إن ينتـهوا يغفر لهم ما قد سلـف.

عبدالله الحويل
١٤٣٥/٨/٩


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشرف بتلقي تعليقك
ونشكرك على التكرم بالمشاركة