الاثنين، 30 يونيو 2014

حديثٌ في( السياسة)!!


يقول صاحبي: لـِمَ لا تكتبُ في القضايا السياسية والشؤون الدولية؟

نراكَ تمتشقُ( قلمك) بشجاعةٍ خائضاً غمار( الأدب)، وتمخرُ بسفينة يراعك عُباب( الفكر ) ، وتــَرِدُ بحروفك حياض( الوعظ)

لكنك تشيحُ بوجه مـِدادك عن( مرابع السياسة)، وتهربُ بجيشِ فكرك من أتون( أحداثها)؟؟

حسناً أيها الرفيق الناصح :
دعني أعترفُ لك في البداية أنني لستُ خبيراً سياسياً ، أو مختصاً عسكرياً...لكنني أفهمُ السياسة وأعرفُ خفاياها وقد قرأتُ الكثيرَ من كتبها التنظيرية والتوثيقية.

وتابعتُ أخبارَها وكوارثـَها ومآسيها منذ الصغر.

عرفتُ العديد من آيدولوجياتها...وسبرتُ الكثيرَ من مناهجها ...وتأملتُ اتجاهاتها المعاصرة، ومدارسها الكبرى

السياسةُ يارفيقي( لعبةٌ قذرةٌ ) بكل ماتعنيه هذه الكلمة...لامكانَ للقيم والأخلاق والمبادىء في عالم السياسة...وإن وجد ذلك نظرياً...فهو حتماً_والواقع يشهد_طيفُ خيالٍ في الواقع.
-السياسةُ ياصاحبي ميكافيليةٌ واضحة...فالغايةُ عند( دهاقنة السياسة) تبررُ الوسيلة!!!

السياسةٌ..غدرٌ يسمونه دهاء!!
وخيانةٌ يدعونها ذكاء!!
وعمالةٌ سافلةٌ يقولون عنها(مصلحةٌ وطنية)!!
وتملقٌ ونفاق... يعرّفونه بأنه(الدبلوماسية)!!

لغتُها السائدة( غير المعترف بها نظرياً): الدماءُ والقتلُ.
ولغتها المفترضة ( المنقرضة واقعياً):الحكمةُ والعقلُ!!
ومن يستمع لنشرات الأخبار ويتابع محطات رصد الأحداث= سيدرك أن الحكمةَ في( السياسة) اليوم أندر من الكبريت الأحمر

مالي وللسياسة!!
فإنّ أحاديثها كأحداثها مجلبةٌ للهمِّ ، مدفعةٌ للأُنس

وولوجُ أبوابها واقتحامُ أسوارها ( مهلكةٌ) ولا ينبغي يارفيقي لعاقلٍ السعي لـ( التهلكة).!! والسير لـ( المتلفة).

ثم إنّ الحديثَ في السياسة يفرقُ ولايجمع، ويضرُّ ولا ينفع، والشعوبُ التي تجمعها( الثقافة) ويوحدها( الفكر) ويؤلف بينها( الفن) ويقربها( الأدب ) تشتتها( السياسية ) وتبعثرها( أحاديثها )!!.

ولستُ ألزمُ نفسي شيئاً ليس يلزمـُهـا بأن يكون لي في كل حادثةٍ( رأي)، وفي كل فاجعةٍ( مقال)، وفي كل خبرٍ( تحليل).

أجد نفسي مستروحةً هذه الأيام لمقولة الألباني رحمه الله :
مـِنْ( السياسة) تركُ السياسة!!.

إننا يارفيقي في زمنٍ غدتْ فيه أحاديث( السياسة) مهنةَ من لا مهنةَ له.

الكلُّ يحلــّلُ ويفسرُ بحسب( ميوله) الفكرية و( انتماءاته) العقدية ثم يطالبك باعتناق رأيه وإلا أخرجك من( ربقة) الدين، أو قذف بك من( دائرة) الوطنية!!

لقد بـُلينا ياصاحبي بتيارين متطرفين:
أحدهما احتكر( الدين).
والآخرُ احتكر( الوطن).

والمنهجُ الصحيح =هو فضيلةٌ بين رذيلتين وحقٌ بين باطلين ووسطٌ بين تطرفين.

ولا أحسبُ هؤلاء الخائضين في السياسة إلا ضواري فتنة ، وسباع فرقة ، واعتزالهم واعتزال أحاديثهم هو( الأسلمُ والأعلمُ والأحكمُ)

أصرّ صاحبي أن يعلمَ رأيي في المستجدات السياسية، ويعرف نظرتي في الأحداث العربية فباغتني بسؤال:مارأيك في( الربيع العربي )؟
_هو( ربيعٌ)ولابد أن يعقبَ الربيعَ الباسم= خريفٌ قاتم.
_لكنه أزاحَ طغاةً عن كراسيهم، وزلزلَ مستبدين في عروشهم؟
_الطغاةُ ياصاحبي يستعينون لتوطيد استبدادهم بأربعة:
1_وزيرٌ فاسد
2_وإعلاميٌ مطبل
3_وقاضٍ جائرٌ
4_وعالمٌ ضال
وثوراتُ الربيع العربي أزالتْ الطغاة لكن أبقتْ أركانهم، لذا فالاستبدادُ لم يتغير، إنما تغيرتْ( صورُه) و( أغصانه)
_وماهو الطريقُ الأجدى - في نظرك-للتغيير؟
_أن يصلَ( الصلاحُ) لأهلِ( الكراسي)
لا أن يصل( أهلُ الصلاح) لـ( الكراسي).

_لمْ أفهم؟ زدني إيضاحاً
_أقصدُ ياصاحبي أن الإصلاحَ والتغيير له نظريتانِ مشْهـُورتان:
الأولى /أن الإصلاح يبدأ من الأسفل للأعلى( أي أن تصلح الشعوب أنفسها أولاً)
فكما تكونوا يــُولّ عليكم.
والثانية /أنّ الإصلاحَ يكونُ من الأعلى للأسفل( أي تغيير الحاكم واستبداله بآخر)
وتجاربُ الأمم، وشواهدُ التاريخ، ودلائلُ الثورات تثبتُ الأولى، وتؤكدُ فشلَ الثانية.

وكيف هي رؤيتك في الانتخابات التي جرت في بعض دول الربيع العربي؟
_لستُ في شأن الديمقراطية بـ( متهوك) لكنني ألخصُ مشكلة هذه البلدان في كلمتين:
_نظامٌ حاكمٌ يظن أن الفوز بـ( الصناديق)هو كلُّ شيء!!
_ومعارضةٌ صاخبةٌ تظنُّ أن الفوزَ بـ( الصناديق) ليسَ كلَّ شيء!!

وما رأيك في الحروب التي تعصف بالمنطقة؟
_كانتْ الحـُروب في أوائل القرن العشرين تثورُ لأسباب قومية عنصرية توسعية.( الحرب العالمية الثانية مثالاً )
وفي نهاية القرن العشرين نشبتْ الحروبُ لأسبابٍ اقتصادية( حربُ الخليج مثالاً )
أما في القرن الحادي والعشرين فحروبـُه دينيةٌ طائفية بامتياز!!

_مادُمتَ تحسنُ التحليلَ والتنظيرَ لمَ تمتنعُ عن الكتابةِ في( السّياسة)؟
_لأنّ صراطَ السياسةِ مدحضةٌ مزلةٌ

_لكنهم في الغرب يـُعظــّمون من يتحدث في السياسة؟
_فرقٌ شاسعٌ، وبونٌ واسعٌ بيننا وبينهم!!
_وما الفرقُ الذي بيننا وبينهم ياصاحبي؟
_الحديثُ في السياسة عند الغرب ذو( شجون).
_والحديثُ في السياسة عند العرب ذو( سـُجون)!!!.

عبدالله بن أحمد الحويل
1435/8/20

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشرف بتلقي تعليقك
ونشكرك على التكرم بالمشاركة