أكاد أجزم أن من لم يقرأ لـ (المتنبي) فإنه لم يشم (رائحة ) الشعر ولم يطعم (مذاقه).
هذا الشّاعر العظيم (مالىء الدنيا وشاغل الناس) فيلسوف من الطراز الأول.
يذهلني بروعة (حكمته) وإشراقة (كلماته ) وبديع (معانيه).
غاص في أعماق (النفس البشرية) و درس (الأحوال الإنسانية) وصال وجال في (التجارب الحياتية).
ثم ترجم خلاصة فكره في (أبيات شعر)
سارت بها الرُّكبان وأنشدها كلُّ لسان.
كان يقول القصيدة :
فيسهر الخلق جرّاها ويختصمُ!!!
* يقول صاحبنا أبو الطيب :
خُلقت أَلُـوفاً لو رجعتُ إلى الصِّبا
لفارقت شيبي موجعَ القلب باكيا.
نعم
إنها المألوفاتُ ياسادة!!
مألوفات العادات
ومألوفات الأشخاص
ومألوفات الطباع.
ومألوفات المساكن.
ومألوفات المطاعم والمشارب.
* فالفطرة البشرية تسكن للمألوف ويشق عليها مفارقته
وتنفر من أضداده ويصعب عليها ارتياضه.
* ألــِفـــْـنَــا الكسل
فعَسُـر علينا طلبُ العلم وقيام الليل والدعوة إلى الله.
* ألــِفـــْـنَــا الشح
فشقّ علينا الصدقة والإنفاق في سبيل الله وتحمل أعباء (الكرم).
* ألــِفـــْـنَــا الهزل
فصعب علينا الجد والوقار والإلتزام بحدود (الاحترام) .
* ألــِفـــْـنَــا المجاملات والمدح
فشقّ علينا النصيحة والنقد والاختلاف في الرأي.
* ألــِفـــْـنَــا أصدقاءَ السُّوء
فتعذر علينا تحمّلُ جليس الخير ورفيق الصلاح.
* نعم إنها (فتنةُ المألوفات) التي أوهنت العزائم ووأدتْ الحماس وقتلتْ الطُّموح.
* والخطوة الأولى للتغيير الإيجابي هي أن تكسرَ العوائدَ السّلبية وتفارق المألوفاتِ السّيئة وتُحِل مكانها عاداتٍ إيجابية ترقى بك في معارج المجد وتنهضُ بك لـ(سنام النجاح) .
* وقد تجد مشقةً بالغةً ، وتواجه صعوبةً عائقةً.
فاستعنْ على إزالتها بالإخلاص والدعاء وتترّسْ ضِدَّ غلوائها بالصّبر واليقين .
* يقولُ الإمامُ المُسدد ابن قيّم الجوزيّة:
إِنَّمَا يجد الْمَشَقَّة فِي ترك المألوفات والعوائد من تَركهَا لغير الله فَأَما من تَركهَا صَادِقا مخلصا من قلبه لله فانه لَا يجد فِي تَركهَا مشقة إِلَّا فِي أول وهلة ليمتحن أصادق هُوَ فِي تَركهَا أم كَاذِب فان صَبر على تِلْكَ الْمَشَقَّة قَلِيلا استحالت لَذَّة قَالَ ابْن سِيرِين سَمِعت شريحا يحلف بِاللَّه مَا ترك عبد لله شَيْئا فَوجدَ فَقده .
عبدالله الحويل
١٤٣٥/٨/٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نشرف بتلقي تعليقك
ونشكرك على التكرم بالمشاركة