الاثنين، 30 يونيو 2014

نصائح تعينك على اكتساب عادة القراءة والاستمرار فيها




القراءة هي عادةُ النابغين وسبيلُ الناجحين فأنا لا أعرف قارئً لم ينجح كما لا أعرف ناجحاً لا يقرأ.

وهناك تجاربُ ناجعة ووسائل مجدية بعضها طبقتها بنفسي وجنيت ثمارها اليانعة.

وأخرى جرّبها غيري فتحدثوا بدهشة عن أثرها الفعّال في التحاقهم بركب القراء وانخراطهم المستمر في قوافل المثقفين وطريقِ المنعمِ عليهم بالعلم والدين.

فمن هذه الوسائل:


1-
 خذ ورقةً واكتبْ فيها الفوائدَ التي ستجنيها من القراءة والمطالعة .
فالكتابة ستعطيك دافعاً نفسيا ًكبيراٍ للبدء‌ِ فوراً وستقطع حبال التسويف وتلهب نار العزيمة.

2- 
اقرأ في الموضوعات المحببة لديك والعناوين التي تستهويك حتى لو كانت هذه الموضوعات من التفاهات في نظر البعض.
وأعرف شاباً أحبَ القراءة وعشق المطالعة عندما بدأ ببعض الروايات الأدبية حتى أصبح ينهي الكتاب والكتابين في أسبوع.
والمقصود أن تكتسب عادة القراءة اليومية وخبراء تطوير الذات وقوانين التغيير يؤكدون أن الأمرَ لكي يصبح عادة مكتسبة ثابتة يحتاج ممارسةً مستمرةً لا تقل عن 21 يوماً ثم يصبح سلساً سهلاً منقاداً لك.

3- 
اقتنِ مكتبةٍ واجعلها في زاويةٍ بارزةٍ من البيت فمنظرُ الكتب المتكرر يغري النفسَ بالقراءة.

4- 
خصص وقتاً يومياً لا يقل عن نصف ساعة تجعله للمطالعة، وتغلق فيه جوالك، وتعتزل وسائلَ الإلهاء كالنت والتلفاز.
وزده تدريجياً بحيث تصل إلى ساعة كاملة يومياً.

5- مجموعات القراءة فكرةْ إبداعيةُ منتجة فانظر في رفقتك واختر منهم أولي العزم والهمة واتفقوا على مجلس أسبوعي تختارون فيه كتابا تقرأونه معاً وتتناقشون في مباحثه ومسائله وتقفون عند فوائده ونوادره.

6- 
اقرأ في سير العلماء والأدباء والعظماء وانظر كيف كان شأنهم مع الكتب والقراءة كي توقظ مانام من عزمك وتحيي ما مات من همتك.

هذه بعض المقترحات والمجربات فلا تطل الوقوف على الباب وادخل فسبيل المجد لا يصلح للمترددين وقمة النبوغ لا يصلها المُسوِّفون.



كيف نستفيد من رمضان (خطوات عملية) ؟




الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فدائما مايردني هذا السؤال من العامة عند بدء رمضان واستفتاح الصيام وجواباً للسؤال:
أقول أن هناك أربعة وسائل تعين على تحقيق الإستفادة من الصيام وهي كالتالي:
أولا/المكوث في المساجد 
ومن أجل هذا كان السلف إذا صاموا جلسوا في المساجد، يقولون: نحفظ صيامنا.
وفوائد المكوث في المساجد كثيرة معلومة خاصة في هذا الموسم الفضيل ومن أجل الفوائد حفظ الصيام من الجرح والتنغيص ،والتفرغ للعبادة والطاعة بعيدا عن العلائق والخلائق

ثانيا/ الحذر من مكدرات الصيام

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم :
من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) رواه البخاري
واعلم يارعاك الله أن مما بليت به أمة الإسلام في هذه الأزمنة المتأخرة مايسمى بالقنوات الفضائية أو الأطباق الهوائية وأقسم بالله_يمينا لا أحنث فيه_أن من يتابع قنوات الفساد والمجون ويهدر وقته في ملاحقة المسلسلات الهابطة من محطة لأخرى أنه لن يستفيد من رمضان البتة
وقد بلغني أن عدد المسلسلات العربية الجديدة التي ستعرض هذا العام على الشاشات قد نيف على المائة والله المستعان .
فاحرص ايها الأخ الكريم على صيانة صيامك وحفظ حسناتك
واعلم أيها الأخ الكريم أن من حفظ هذه الاربعة فقد أحرز دينه:
اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات
فتنبه لها جيداً

ثالثاً/اجتنب الفضول

وأعني به هنا القدر الزائد عن الحاجة من المباحات فإن كثرة فضول المباحات تقسي القلب وتبلد الذهن وتثقل البدن وكن على حذر شديد من فضول أربعة أمور:
النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس، فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة

رابعاً/التخطيط والترتيب

فالذي يعمل بدون تخطيط يكل والذي يجتهد بدون ترتيب يمل
فضع لنفسك وردا يوميا في التلاوة والصدقة وسائر الطاعات ففي القرآن مثلاً يكون لك حزب يومي مقدراه على حسب همتك(لكن لا ينبغي أن يقل في الشهر الفضيل عن ثلاثة أجزاء يوميا) وفي الصدقة مثلاً تلزم نفسك بميلغ ثابت يوميا يناسب دخلك ولا يرهق جيبك وأذكر أحد الأفاضل عندما أقبل رمضان أحضر من المصرف 150 ريالاً فئة خمسة ريالات ليتصدق كل يوم بخمسة فقط فقلت له يافلان تصدق بها كلها دفعة واحدة فقال: لا .. بل أتعرض لنفحات الله كل ليلة في هذا الشهر الفضيل.
هذا ماتيسر من الطرق والوسائل المعينة على استغلال رمضان والله أعلم .

 

سيرة مؤثرة لا تهمل قراءتها ياطالب العلم



قصةُ حب عصفت بكياني وزلزلت أركاني
أرويها لكم بدم القلب قبل مداد القلم وأسطرها على شريان القلب قبل دفاتر الورق.
أبحرتْ سفينةُ ( قراءاتي ) البارحة في بحر( الإمام أحمد ) الزاخر. 
أعترف بدأً أنني همتُ ( محبةً ) و( إجلالًا ) لهذا الرجل حتى خشيتُ على نفسي من( الغلوِ ) فيه. 
ولا أعلم شخصيةً تاريخيةً تأثرتُ بها وأكثرتُ من القراءة في سيرتها_بعد الأنبياء والصحابة_ كأحمد بن حنبل. 
بل إنني أرشدُ دائماً من يطلبُ تربيةَ نفسِه وينشدُ تهذيبَ سلوكِه ويرغبْ في تحفيزِ همته أن يكررَ النظر مع الاعتبار في السيرة التي رواها التاريخُ بفخرٍ لإمامِ السنة وجبلِ العقيدة ورائدِ العلم والعمل أحمد بن حنبل. 
فإذا قرأتَ سيرتَه وتأملتَ عجيبَ أحواله ونظرتَ في صبرِه وجهادِه وتنفستَ كلامَه وعشتَ سجنَه وابتلاءه وسهرتَ معه في تعبدِه وصلاته ثم لم تسخنْ عينُك أو تهتز فرائصُك أو ترتعد أركانُ قلبِك فأنتَ باردُ العزمِ ميتُ الشعورِ بليدُ الحسِ فابكِ على نفسك قبل يوم( البكاء ). 
جوانبُ الإبهار ومظاهرُ العظمة البشرية في سيرة أحمد أنها ترجمةٌ عملية لمبادئ الإسلام وشرحٌ بالمثال لأسس العقيدة الصافية وأنموذجٌ واقعي في حسن الاقتداء وصدق التعبد وسماحة الأخلاق. 
هو ( قرآنٌ ) يسير على الأرض ويختلط بالناس ويأكل الطعام ويمشي في الأسواق. 
فليكنْ لك أيها الداعيةُ الحريص نصيبٌ موفورٌ من القراءة في سيرة رجلٍ أكاد أجزم أنك ستشعر بعدها بتغيرٍ ملموسٍ في سلوكك وعلوٍ محمودٍ في همتك. 
ولا يُوجد كتابٌ في التراجمِ والأعلامِ والتاريخِ أُلفَ في حياته أو بعد وفاته إلا ورَصعَ الكتابَ بجواهرِ سيرته العطرة. 
وهناك من أَفردَ سيرتَه وأخبارَ محنتِه بالتصنيف وقد أحصى العلامةُ بكر أبو زيد( كما في المدخل المفصل )مايزيد عن الأربعين كتاباً في ذلك.

ومن أحسن الكتب التي طالعتُها في سيرة هذا الجبلِ الأشمِّ كتابان:
1_مناقبُ الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي. 
2_محنةُ الإمام أحمد لعبدالغني المقدسي.

وأختمُ هنا باقتباسِ الدعاء الذي كان يستفتح به الدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا رحمه الله كتابَه المُؤثِّر ( صور من حياة الصحابة ) :
اللهم إني أحببتُ عبدَك أحمد بن حنبل أصدقَ الحبِ وأعمقَه فهبني يومَ الفزعِ الأكبر له فإنك تعلم أني ما أحببته إلا فيك يا أرحم الراحمين.


أخوكم 
عبدالله الحويل

كيف تكتشف أصدقاءك المزيفين ؟



كنتُ مخدوعاً فيه فترةً طويلة!! 
لم أكن أتصور أن يكونَ بهذه البشاعة الخُلقية! 
لقد صدمني بكلامِه وجرحني بتصرفاته!! 
قلبي ينزفُ ألماً من طعناته!! 
كلماتٌ تتوشح بآهاتنا
وعباراتٌ تسبق عَـبَـراتِـنا
عندما نكشف غدرَ( أصدقائنا) أو تسقطُ فجأةً( الأقنعةُ) الزائفةُ فَـتُجلِّي لنا قُبحَ( الوجهِ الحقيقي) لأحبابنا. 
هل كنا حمقى؟
هل هي سذاجةٌ غبيةٌ غَشتْ بصائرنا؟ 
أم أنها براعةٌ ماكرةٌ تحلَّى بها( جلساؤنا)؟
تأملتُ كثيراً في حالاتِ الخداع التي تفجعنا
وسرَّحتُ فكري في مواقف الأصدقاء الزائفين وهي تُسْقِـطُ عنهم( ورقةَ التّوت) وتكشفُ فيها( عوراتِـهم السُّلوكية)..ولم يحسبوا حينها أنْ سيُخرج الله( أضغانهم). 
فوجدتُ في خارطةِ هذه العلاقات الزائفة ثلاثةَ( مضايق) تتحطمُ فيها( سفنُ) الصّداقةِ النفعية. 
لذا قبل أن تقررَ مصادقةَ( أحدهم) فأبحرْ بسفينته نحو هذه( المضايق)
فإن تجاوزها فهو( نِـعمَ الصديق) وإن كانت الأخرى فأحرق سُفـنَه عند أول مضيق( ينشب ) فيه ولا( تُـكثرْ عليه التأسفا). 


وهذه الثلاثة هي التي تكشف معادنَ الرِّجال و( تبلو) أخلاقَـهم. 

الأولى /طُولُ المُلازمة 
قد يستطيع المرءُ تكلفَ الأخلاقِ الرفيعة وتَصنّع الأدب الراقي لسويعاتٍ قليلةٍ، لكن لا يلبث أن يعود لطبعه ويرجع لأصل خُلقه. 
ولن تستطيع كشف تصنعه ومعرفة حقيقة أخلاقه إلا إذا لازمته في كل أحواله. 
ومن هذا الباب قول الفاروق رضي الله عنه لرجل زكّـى آخر : هل سافرت معه؟ هل جاورته؟ 
قال :لا 
قال :إذاً أنت لاتعرفه.
ومن الأحوال التي تطول فيها الملازمة:
1_السفر
وقد قالوا:سُمي السفرُ سفراً لأنه يُسفرُ عن أخلاق الرجال. 
2_مشاركة السكن
فأنت تجد أن أعرفَ الناس بالرجل هم أهله وأولاده 
أو زملاؤه في سكنٍ إن كان عزباً. 
3_مشاركة السجن 
أعاذنا الله وإياكم من دخول غياهبه أو سلوك الطرق المؤدية إليه
4- الجيرة
وهذه أحسبها كانت في أزمنةٍ غبرت وعهودٍ مضت ، أما الآن فلا تُـعوِّل عليها كثيراً فالجارُ لايعرف من جاره إلا نوع سيارته وهيئة لبسه.

الثانية/الاختلاف والنزاع
فكم من صاحبٍ أظهرَ وده وأعلن حبه وتغنى بأخوتك وصدح بوفائه وماهو إلا( خلاف يسير) بينكما حتى كشّر عن أنيابه وفاهَ بقبيح سبابـه وأنزلك من( أعلى عليين) وأسكنك( أسفل سافلين). 
وماأحسن مارُوي عن لقمان وسفيان الثوري والفضيل بن عياض( بألفاظ متقاربة):
إذا أردت أن تؤاخي رجلاً فأغضبه ثم دُسّ عليه من يسأله عنك فإن أنصفك في غضبه وإلا اجتنبه. 
ومن الأمور التي تظهر حقيقة الأخلاق:
_الاختلاف في أمور المال
فالدرهم والدينار مقياسٌ أخلاقي دقيق لا تكاد تخطيء أحكامه. 

الثالث / القدرة عليك
فبعض الناس يحسن التصنع والتزلف لمن هم في منزلته أو أرفع منها. 
لكنّ أخلاقَـه الحقيقية تظهر عند تعامله مع من هم دونه كالخدمِ والعمالِ لديه أو الموظفين عنده. 
وقد قال بعضُ الحكماء وصدق فيما قال:
إذا أردت أن تعرف خلق المرء فانظر إلى تعامله مع خدمه ومن تحت يده. 



وبعد/ فهذه ثلاثة أحوال
تكشفُ ما ( خفي) 
وتُظهرُ ما( بطن) وتعلن(مااستتر).
اجعلها لك نبراساً تستبين فيه سبيل( الزائفين) قبل أن تقرع ضِـرسَ النّدم و( لاتَ حين مَندم).



أخوكم
عبدالله الحويل

كيف تكون مفسرَ أحلامٍ في دقيقتين ؟؟



فرصةٌ لكل العاطلين والعاملين والخاملين والمغمورين والمغضوب عليهم والضالين!!!
دورةٌ مكثفةٌ في دقيقتين تصنع منك (مفسراً للأحلام) كابن سيرين (ومعبرا للرؤى) كالشهاب العابر.

أخي الجاهل العظيم:
لا تحتاج للذكاء والفراسة ولا لدراسة العلم على أيدي العلماء فالوقت من ذهب والأيام لن تنتظر والأمة بحاجة للرعاع (عفوا أقصد للنابغين!!!) أمثالك!!!.

القاعدة الأولى / أعلن للناس عبر كل وسيلة مشروعة وغير مشروعة أنك مفسر عظيم ومعبر كبير ولا بأس بكذبتين من اللون (الأبيض)!! عن أحلام فسرتها بفطنتك الواسعة(كوسع ذمتك ) وخبرتك العريضة (كعرض مصيبتنا فيك) فجاءت كفلق الصبح (وبما أنك تجهل معنى كلمة فلق الصبح )فلا بأس أن تقول أنها وقعتْ كما أخبرتُ وحصلتْ كما فسرتُ ولاتنس بعدها تقطيب حاجبيك في خشوع مرددا (نسأل الله الإخلاص) ونحن سنردد (نسأل الله الخلاص!!!).

القاعدة الثانية /إذا وجدت أحداً ابتلاه الله بسؤالك فأطرقْ إلى الأرض منصتاً كأنما يُوحى إليك ثم إذا انتهى من حكاية الرؤيا فاسأله سؤالاً من أربعة أسئلة:
١_هل أنت متزوج؟
فإن قال لا..فأخبره أنه سيتزوج
وإن قال نعم فأخبره أنه سيُرزق بمولود
٢_أو قل له هل أنت موظف؟
فإن قال لا فقل ستتوظف
وإن قال نعم فقل ستأتيك ترقية.
٣_أو اسأله هل أنت مديون؟
فإن أجاب بنعم(ومعظم الناس سيجيبونك بنعم) فقل سيُـقضى دينك.
وإن قال لا أنا في خير ونعمة فسارع بإخباره أنها دلالةٌ على أن الله سيكتب قضاء حاجات الناس على يده(ولاتنس أن تعلمه بأنك تعرف مساكين وأرامل وأيتام!! الله يرزقنا وإياك الرزق الحلال!!!).
٤_اسأله هل أنت مهموم ؟
فإن قال نعم فقل له سيزول همك.
ولن تجد أحداً سيقول لك أنه ليس مهموماً إلا إن كان من الذين أنعم الله عليهم من العلماء والصالحين والدعاة المصلحين وحسن أولئك رفيقاً (وهؤلاء أكرم على الله من أن يبتليهم بمثلك).

القاعدة الثالثة/ يجري على النساء مايجري على الرجال لكن العناية بالنساء آكد فهن جمهورك الأكبر ووسيلتك الأعظم للشهرة فلاتوجد امرأة إلا وفي قائمة جوالها ثلاثة أرقام (رقم مفسر أحلام_ورقم راقي شرعي _ورقم خبير أعشاب) وإن استطعت أن تجمع هذه الثلاث الصفات فقد تم مجدُك وزاد دخلك واشتهر اسمك.

ومما يحسن أن تخص به النساء أن تؤول كل رؤيا لهن بأنها عين أو سحر أسود من الخادمة أو مس شيطاني فستجد بهذا إقبالاً عز نظيره وشهرة قل مثيلها (لاتنس إخبارهن عن مكان مقرأتك أيها الشيخ الجليل).

القاعدة الرابعة/ فإذا أردت أن تطير بأخبارك الركبان وتتحدث عن شأنك العربان فخذ هذه الحيلة الذهبية.
اعمد إلى الشأن الرياضي وتابع أخبار وتحاليل الكرة وشؤون الأندية واللاعبين ثم صرّحْ أن الرؤى المتواترة تفيد أن الكأس لفريق (؟؟؟؟) وأن المدرب الشهير(،،،،،،) لن يغادر النادي
وستجد أن خبرك قد طار كل مطار وسار مسيرةَ الليل والنهار.

أما وقد أصبحت الآن مشهورا( أشهر الله سيوف الحق في رقبتك) وأضحى دهماء الناس يشيرون لك بالبنان (وقريباً إن شاء الله بالسنان) فتذكر أمراً هاماً يخفى على الجهلة أمثالك
لقد أصبحتَ ياهذا تتلاعب بالنبوة(كمايقول الإمام مالك) وصعدت مرتقىً صعباً ودخلت في حديث المعصوم عليه الصلاة والسلام عن قبض العلم (اتخذوا رؤوساً جهالاً) .
فإن بقيت فيك ذرةٌ من إيمان فستشري العتقَ من النار بالشهرة الزائفة والمجد المُتوهَـم.
وعظّـم الله أجرَ الأمة في هذه الفجيعة النكراء .

حقاً:

لقد هَزلت حتى بان من هُزالها
كلاها وحتى سامها كلُّ مُفلس.

عبدالله الحويل

 

التغريبُ..الاستعمارُ الأخطر.




انتهى الاستعمارُ الأوربي للعرب تماماً في بداية السبعينيات الميلادية.
لكن الاستعمار الفكري لم ينتهِ في هذه الحقبة.
بل ليس مبالغةً أن قلنا أنه كالأخطبوطِ مازالَ يتمددُ ويقوى 
وكالطوفانِ يسيلُ ويجرفُ
وكالبركانِ يثورُ ويحرقُ.
الاستعمار العسكري كانت تمجه الأمة ويكافحه المُجتمع ، وتناضل ضده المقاومة الشعبية .
أما الاستعمارُ الفكري في صورته الجديدة (التغريب) فهو يدخل مجتمعاتنا بالترحيب ، ويُكَرّم روادُه في المحافل ، وتُخلع عليهم ألقابُ (الوطنية ) و(الفن) و(الإبداع) و(الفكر)!!

لقد غزانا عدُوُنا (فكرياً) بطريقتين خبيثتين ماكرتين:

الأولى/ الاستشراق
وهو عرضُ تراثنا بعد (تقبيحه) و(تشويهه).

والثانية/التغريب

وهو عرضُ فكرِهم وتُراثِهم بعد (تجميله) و (تحسينه).

وقد ساعدهم في تثبيت استعمارهم (الفكري) أقوامٌ من بني جلدتنا من مسلوخي الهوية المسكونين بروحِ (الانهزامية) .

فرُزئنا بـ(باقعةٍ) يندى لها جبينُ (الغيورين).
في الأدب (غرّبوه) بـ(حداثتهم) البشعة.
وفي الاقتصاد (غرّبوه) بـ(رأسماليتهم) النتنة.
وفي السياسية (غرّبوها) بـ(ديمقراطيتهم) الكاذبة.
وفي الشأن الاجتماعي والأسري (غرّبوه) بـ(حريتهم وإباحيتهم) المقززة.

أيها السادة :

مكافحة الاستعمار الفكري لايقلُ وجوباً وأهميةً عما كانت عليه مكافحة أخيه(الاستعمار العسكري).
فأجمعوا أمركم وائتوه صفاً وقد خاب اليوم من (استغرب) .

عبدالله الحويل 

القومية العربية..هل انتفضت من جديد؟



• عندما تحدثت في مقال سابق عن حقبة جمال عبدالناصر سألني أحد الإخوة عن القومية هل انتهت تماماً بوفاته أم أنها لا زالت على الخارطة الفكرية؟

• قبل أن أجيب عن السؤال دعونا نستنطق ذاكرةَ التاريخ قليلاً عن ظروف نشأة القومية وانتشارها وبعض رموزها وجهود بعض المصلحين لنبذها ونقض أصولها.

• نشأت القومية العربية كرد فعل ضد محاولات الأتركة التي كانت ينتهجها العثمانيون في البلدان العربية خاصة منطقة الشام ، وتصدياً للحركة القومية التركية التي أسسها ودعمها (يهود) الدونمة .

• فهبَّ بعضُ نصارى العرب ينادون إلى القومية العربية التي هي بمفهومهم دعوة إلى تمجيد العرب وإقامة دولة عربية موحدة على أساس من رابطة الدم والتاريخ واللغة وإحلالها محل رابطة الدين.

• قف هنا أيها المسلم الغيور وتأمل معي
خلافةٌ (أسلامية) قائمةٌ.. تتأسس فيها دعوة قومية تركية على يد(اليهود)
فينهض (نصارى) عرب لتأسيس دعوة قومية عربية مناهضة لها!!!
هل تعتقد بعد هذا كله أنني مريضٌ بـ(عقدة المؤامرة)؟

• كان انتشار القومية العربية محدودا حتى تبناها الرئيس المصري جمال عبد الناصر وزاوج بينها وبين (الاشتراكية) التي كانت رائجة آنذاك.
فعم الجنون القومي أنحاء العالم العربي.
وانتشرت المبادئ القومية ووصلت التعليم والإعلام.

• كانوا يُحفظون الأطفال في المدارس نشيدهم الذائع:
بلاد العُرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجدٍ إلى يمنٍ
إلى مصرَ فتطوان.

• بل اسمع إلى شاعرهم القروي وهو يقرر مبدأهم الوحدوي :
هبوني عيداً يجعل العرب أمة
وسيروا بجثماني على دين برهم
بلادك قدمها على كل ملةٍ
ومن أجلها افطر ومن أجلها صُمِ
سلامٌ على كفرٍ يوحد بيننا
وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ

• بل حتى الجهاد والكفاح جردوه من معانيه الإسلامية وجعلوه قوميا عروبيا
يقول علي محمود طه في قصيدته التي كانت ومازالت تدرس لنا في مادة الأدب:
أخي جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد وحق الفدى
أنتركهم يغصبون(العروبة!!)
مجدَ الأبوة والسؤددا.

• ورفعوا شعارهم الآثم (الدين لله والوطن للجميع).
بل كانوا يقولون :
نحن عرب قبل موسى وعيسى ومحمد!!!

• ويزعمون : أن الوحدة العربية حقيقة أما الوحدة الإسلامية فهي حلم!!!

• وتعاظم هذا الجنون القومي حتى قائل قائلهم:
إذا كان لكل عصر نبوته المقدسة فإن القومية العربية نبوة هذا العصر!!!.

• كاد القوميون أن يؤلهوا عبدالناصر وكان منهم من يردد:لن نهزم وبيننا جمال!!!
لكن زعيمهم البائس مُني بهزائم متتالية ثم خطفه (موت الفجأة) فانهار مشروعُهم الوحدوي وتبخرت أحلامهم القومية.

• تصدى الغيورون من علماء وقادة الأمة لهذه الموجة القومية الجارفة
وأشيرُ هنا لرجلين عظيمين كان لهما أثرٌ كبيرٌ في مكافحة هذه الآفة الفكرية والعاهة الكارثية.
الأول/سماحة الإمام جبل العقيدة في وقته الشيخ عبدالعزيز بن باز عليه شآبيب الرحمة
حيث ألف كتابا نسف به أصول القومية وأظهر عوارها وكشف زيفها سماه(نقد القومية العربية).
أما الثاني/فهو رجل المواقف الصعبة البطل العظيم والقائد الهمام الملكُ فيصل رحمه الله فقد تبنى الدعوة للوحدة الإسلامية ونادى الأمة للتضامن وجمع قادتها لهذا الغرض وكانت من بركاته منظمة العالم الإسلامي التي انبثقت منها هيئات مباركة كرابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي.

• نعود الآن لسؤالنا الذي استفتحننا به هذه المقالة
هل ماتت القومية بموت عبد الناصر؟
الحقيقة أنها انحسرت كثيرا بوفاته وبعد فشل مشاريعهم الوحدوية وهزائمهم المتتابعة.
• لكنها هذه الأيام بدأت تنتعش بفضل ثورات الربيع العربي الذي نفخ فيها الروح وأعادها لواجهة المشهد الفكري

• الملمح البارز لها هذه الأيام يكمن في نقطتين حسب ماأراه:
١_أنها تخلت عن اشتراكيتها وتدثرت بلباس الليبرالية تمشياً مع الموضة الفكرية السائدة الآن.
٢_تخلت عن فكرة الوحدة الاندماجية بعد ثبوت فشلها إبّان فترة عبدالناصر ويتبنى القوميون العرب الآن مفهوماً جديداً للوحدة العربية يُعتبر قريباً من المشروع الأوربي.

عبدالله الحويل

ماذا تعرف عن الإباضية ؟؟



تكرم عليّ أحد الإخوة الأفاضل بسؤالٍ عن فرقة الإباضية .
وهو تساؤلٌ جيدٌ لكثرةِ اللبسِ واللغَطِ حول حقيقة الأباضية وفكرها العقدي.
وأذكرُ قبل شهر تقريباٌ اجتمعتُ بنخبةٍ من الدعاة الأفاضل فراعني أن أحدَهم يتحدثُ عن الإباضية على أنها فرقة من فرق (الشيعة)!!!
لذا سنذكرُ هنا بعض الحقائق عن تاريخ الإباضية والتعريف بأبرز المسائل التي خالفوا فيها عقيدة أهل السنة والجماعة والتي أهّلتهم للانضمام لركبِ الفرقِ المبتدعة والطوائف الضالة.

الإباضية فرقةٌ من فرق (الخوارج) رغم أن أصحابَها ينفون هذه النسبة ويعدون أنفسهم مذهباً اجتهادياً فقيهاً سنياً!!! كالمذاهب السنية الأربعة.

لكن الحقيقة الساطعة أنهم من (الخوارج) وسُموا بالإباضية نسبةً إلى عبدالله بن إباض التميمي وهو من رؤوس الخوارج.

والخوارج الأولون تفرعوا لعدة طوائف :
منها الأزارقة والصفرية والنجدات(وهذه الثلاث قد انقرضت تماماً ولا وجودَ لها الآن) والإباضية (وهم باقون إلى الآن).

بداية نشوء فكر الإباضية كان في البصرة وماحولها ثم في عُمان وخراسان تبعاً لفلول الخوارج في عهد الدولة الأموية .

في عام ١٣٤هـ في بدايات عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور عقد الإباضية البيعةَ بعُمان لأول إمام لهم ويُدعى (الجلندى بن مسعود)

في عام ١١٦١ هـ بايع الإباضية في عُمان أحمد بن سعيد وبهذا انتقلت إمامة الإباضية لآل سعيد ولاتزال دولتهم قائمة إلى يومنا هذا وآخر إمام يحكم الآن من ذرية آل سعيد هو السلطان قابوس بن سعيد الأباضي.

بالإضافة لعُمان لهم انتشارٌ محدودٌ بأجزاء من اليمن وليبيا وتونس والحزائر وواحات الصحراء الغربية.

من أبرز عقائدهم المنحرفة:
١-مرتكبُ الكبيرة كافرٌ لكنهم يفسرون الكفر هنا بكفر النعمة أما في الآخرة فهو مخلدٌ في النار وهم بهذا يخالفون باقي طوائف الخوارج (خصوصا الأزارقة والصفرية) الذين يجزمون بكفر مرتكب الكبيرة في الدنيا، ويشابهون قول المعتزلة تماما الذي يجعل مرتكب الكبيرة (في منزلة بين المنزلتين).
٢-ينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الجنة بأبصارهم.
٣-يؤولون صفات الله كالاستواء والنزول والمجيء وكاليد والوجه والعين والنفس.
٤-يطعنون في كثير من صحابة رسول الله ﷺ كعثمان وعلي وعمرو بن العاص ومعاوية وطلحة والزبير وأصحاب الجمل رضي الله عنهم جميعاً.
٤_يرون الخروج على أئمة المسلمين ومفارقة جماعتهم
5-القول بخلق القرآن 

من أبرز شخصياتهم :
١-جابر بن زيد 
٢-وأبو عبيدة بن أبي كريمة
٣-والربيع بن حبيب
٤-والحارث بن تليد.
٥-وسلمة بن سعد

من أهم كتبهم (مُسند الربيع) للربيع بن حبيب الفراهيدي وهو أصحُّ كتاب عندهم بعد كتاب الله ، بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة.

من أشهر علمائهم المعاصرين أحمد الخليلي مفتي عُمان.

وهو الذي طلب مناظرة الشيخ ابن باز ورفض شيخنا مناظرته لأن في مناظرته إشاعةً لبدعتهم وإشهاراً لمذهبهم وتلميعاً لرموزهم.
هذا باختصار شديد بعض مايتعلق بالإباضية جواباً لسؤال الأخ الفاضل .

والمقام هنا لا يحتمل التفصيل.


ألا تحبون !!!



تمر بي الليالي ذوات العدد يستبدُّ فيها الأرقُ ويتملكني السُهاد 
أبيتُ أسامر النجم وأرقب الكواكب.
وأُجيلُ الفكر في ماضي الذكريات وحوادث الغدر والطعنات .
أستعيدُ مشاهد إساءاتهم 
وأتأملُ فداحة اعتداءاتهم ..
ولا يرقأ لي دمعٌ حتى احترقت المآقي واخضلت مساربُ عيني.
كدتُ أن أدخلَ مرحلةَ (اكتئابٍ مُزمن) يفسد علي معايشي ويجهزُ على ماتبقى من (لياقتي النفسية).

طالعتُ الكثيرَ من عبارات البلغاء وكلمات العظماء عن (فضيلة العفو) فكنت آنسُ بها 

لو رأيتني وأنا أقرأُ للشافعي بكل إجلالٍ وهو يلخصُ تجاربه (الحياتية) في بيت واحد:
لما عفوتُ ولم أحقدْ على أحدٍ
أرحتُ نفسي من هم العداواتِ.

وأُنشدُ مع أمير الشعراء أجملَ وصاياه الاجتماعية:
تسامحُ النفس معنى من مرؤتها
بل المروءة في أسمى معانيها.
تخلّق الصفحَ تسعدْ في الحياة به
فالنفس يسعدها خلقٌ ويُشقيها.

وأرددُ مع الإنجليز مثَلَهم الذائع:
( أشرف الثأر العفو ).

وأعجبُ من سمو الأخلاق عند جعفر الصادق وهو يقول:
(لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة ).

وأتأملُ في فلسفة ( لال نهرو ) القائل:
(النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح ).

ثم دعني أبوح لك بأعجب من هذا كله!!!
لم تستطع هذه المقولات المضيئة أن تطفىء جذوةَ الألم بنفسي أو أن تقتل روح الانتقام بداخلي أو أن تسحق الرغبة الجامحة بالثأر .

هي أقوالٌ عظيمةٌ لكنها ليست بأعظم من جروحي الغائرة وقروحي النازفة.

لكن آية واحدة من كتاب ربي (العظيم ) جلّ في عُلاه نسفـتْ آلامي نسفاً فغدتْ مشاعري قاعاً صفصفاً لاترى فيها (عِـوجَ) الإنتقام ولا (أمتَ) الثأر.

(وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم)
بلى يارب 
بلى يارب
أحبُّ أن تغفر لي
أحبُّ أن تصفح عني
أحبُّ أن ترحمني
اللهم إنّي أشهدك أني قد عفوت وصفحتُُُُ عن كل من أساء لي بقول أو فعل أرجو بذلك عفوَك وصفحك عني وأبتغي وجهك الكريم.

عبدالله الحويل

 

فتنة المألوفات




أكاد أجزم أن من لم يقرأ لـ (المتنبي) فإنه لم يشم (رائحة ) الشعر ولم يطعم (مذاقه).
هذا الشّاعر العظيم (مالىء الدنيا وشاغل الناس) فيلسوف من الطراز الأول.
يذهلني بروعة (حكمته) وإشراقة (كلماته ) وبديع (معانيه).
غاص في أعماق (النفس البشرية) و درس (الأحوال الإنسانية) وصال وجال في (التجارب الحياتية).
ثم ترجم خلاصة فكره في (أبيات شعر) 
سارت بها الرُّكبان وأنشدها كلُّ لسان.

كان يقول القصيدة :
فيسهر الخلق جرّاها ويختصمُ!!!

يقول صاحبنا أبو الطيب :
خُلقت أَلُـوفاً لو رجعتُ إلى الصِّبا
لفارقت شيبي موجعَ القلب باكيا.
نعم 
إنها المألوفاتُ ياسادة!!
مألوفات العادات
ومألوفات الأشخاص
ومألوفات الطباع.
ومألوفات المساكن.
ومألوفات المطاعم والمشارب.

فالفطرة البشرية تسكن للمألوف ويشق عليها مفارقته
وتنفر من أضداده ويصعب عليها ارتياضه.

ألــِفـــْـنَــا الكسل
فعَسُـر علينا طلبُ العلم وقيام الليل والدعوة إلى الله.

ألــِفـــْـنَــا الشح
فشقّ علينا الصدقة والإنفاق في سبيل الله وتحمل أعباء (الكرم).

ألــِفـــْـنَــا الهزل
فصعب علينا الجد والوقار والإلتزام بحدود (الاحترام) .

ألــِفـــْـنَــا المجاملات والمدح
فشقّ علينا النصيحة والنقد والاختلاف في الرأي.

ألــِفـــْـنَــا أصدقاءَ السُّوء
فتعذر علينا تحمّلُ جليس الخير ورفيق الصلاح.

نعم إنها (فتنةُ المألوفات) التي أوهنت العزائم ووأدتْ الحماس وقتلتْ الطُّموح.

والخطوة الأولى للتغيير الإيجابي هي أن تكسرَ العوائدَ السّلبية وتفارق المألوفاتِ السّيئة وتُحِل مكانها عاداتٍ إيجابية ترقى بك في معارج المجد وتنهضُ بك لـ(سنام النجاح) .

وقد تجد مشقةً بالغةً ، وتواجه صعوبةً عائقةً.
فاستعنْ على إزالتها بالإخلاص والدعاء وتترّسْ ضِدَّ غلوائها بالصّبر واليقين .

يقولُ الإمامُ المُسدد ابن قيّم الجوزيّة:
إِنَّمَا يجد الْمَشَقَّة فِي ترك المألوفات والعوائد من تَركهَا لغير الله فَأَما من تَركهَا صَادِقا مخلصا من قلبه لله فانه لَا يجد فِي تَركهَا مشقة إِلَّا فِي أول وهلة ليمتحن أصادق هُوَ فِي تَركهَا أم كَاذِب فان صَبر على تِلْكَ الْمَشَقَّة قَلِيلا استحالت لَذَّة قَالَ ابْن سِيرِين سَمِعت شريحا يحلف بِاللَّه مَا ترك عبد لله شَيْئا فَوجدَ فَقده .


عبدالله الحويل 
١٤٣٥/٨/٤

هل سأكون عالماً ؟؟


(بدأ في طلب العلم صغيراً وحفظ القرآن قبل البلوغ. )
عبارةٌ لن تخطؤها عينك وهي تتكرر في فواتح سير العلماء ومبتدأ تراجم الفقهاء وأوائل أخبار المحدثين.

وربما قرأها من اجتاز قطارُ عمره محطاتِ الصّبا والشباب.
أو تأخر انبعاثُ همته للعلم والكتاب.
أو وُلدت عزيمتُـه في التفقه بعدما شاخ وشاب.
فينكفأُ على نفسه يائساً
ويرتد على عقبه قانطاً.

ويندبُ حظـــّه العاثرَ الذي أزرى بطموحه أن يكون( من العلماء الربانيين) و( الفقهاء النابغين)
ويقضي أيامَ عمره حسرةً وندامةً
ويمضي دهرَه تقريعاً وملامةً.

قف يا أخي!!
فبابُ العلم مفتوح
وكرمُ الله يغدو ويروح
ومازال سبيلُ الطلب مـُيسّراًً وطريق التفقه مـُعبّـداً ودرب التعلم مُـذلـّلاً.

ولكي أبعث عزمك من رقاده
وأحيي ميت حماسك بعد وفاته
أسوق لك أخبارَ علماء أجلاء ووأروي قصص نجومٍ تضيءُ دياجي السّماء.
طلبوا العلمَ في مـِثل سنــِّك أو أكبر
وبلغوا في مراتبه الغاياتِ العالية
ووصلوا في سـُلـــّمه الدرجاتِ السامية

فمنهم الكثير من صحابة نبيّك صلى الله عليه وسلم فأبو بكر طلب العلم قريباً من( الأربعين) والفاروق في( الثلاثين).

ولما أورد البخاري قول عمر رضي الله عنه : تفقهوا قبل أن تـُسوَّدوا.
قال بعده معلقاً :وبعد أن تـُسوَّدوا وقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كبر سنهم.

والإمام الترمذي بدأ في طلب الحديث بعد العشرين.

وبدأ الإمام ابن حزم في طلب العلم وهو ابن ( 26)

والإمام القفــّال( من كبار علماء الشافعية ) كان في ابتداء أمره يعمل الأقفال فلما أتى عليه( 30) سنة اشتغل بالعلم.

والإمام الكسائي بدأ في طلب العلم وهو في( 40) من عمره وأصبح حُجةً في النحو والقراءات.

والفــُضيل ابن عياض( الإمام القدوة الثبت كما يصفه الذهبي ) كان لصاً يقطع الطريق ثم تاب وأقبل على طلب العلم على كبر سنه.

والشيخ خالد الأزهري كان وقـــّاداًً يضع الزيت في مصابيح الجامع الأزهري فانسكبَ الزيتُ ذاتَ يوم على بعض الطلاب في المسجد فصرخ أحدهم في وجهه قائلًا :ياجاهل!!!
فأقبل يطلب العلم وهو ابن( 36) حتى أصبح من كبار علماء الأزهر في زمانه.

والعلامة أصبغ بن الفرج( مفتي الديار المصرية في زمانه ومن علماء المالكية ) بدأ في طلب العلم وهو في سن( 29).

ومن التابعين صالح بن كيسان قيل أنه طلب العلم وهو ابن( 70).

والإمام ابن عساكر طلب العلم بعد( الأربعين ).

زر بن حبيش طلب العلم وهو في( 60) وأخذ عن ابن عباس وأُبيّ رضي الله عنهم.

وبدأ الإمام ابن الجوزي في طلب علم القراءات وهو في( 90)من عمره.

** ومن المعاصرين:
علّامة الجنوب الشيخ عبدالله القرعاوي طلب العلم وعمره( 30).

الشيخ العلّامة مقبل الوادعي طلب العلم وعمره( 35).

الشيخ يحيى بن عبدالعزيز اليحيى طلب العلم وهو في( 30) من عمره.

الشيخ محمد عبد المقصود ابتدأ طلبَ العلم وهو في سن( 31).

الشيخ الداعية سعيد بن مسفر كان مدرسَ تربية بدنية فمنّ الله عليه بالتوبة والهداية واتــــّجه لطلب العلم على كـِبــَر فحصل على درجة البكالوريوس من جامعة ام القرى وعمره( 40) ثم الماجستير والدكتوراة.

ولا تجعل الحفظَ الضّعيف والفهمَ البطيء عائقا لك عن الطلب
فهذا الرّبيع بن سليمان، كبير الشافعية، كان بطيء الفهم؛ كما ذكر ذلك السبكي في طبقاته
لكنه كان يكرّر كتاب( الأم ) خمسمائة (500) مرة.!!!

وهذا الإمام أبو يوسف قاضي القضاة في زمن هارون الرشيد يقول له شيخُه أبوحنيفة:
كنتَ بليداً أخرجتك( المواظبة).

وبعد يا أخي:
الأمة تنتظرك عالماً نحريراً يساهم في نهضتها ويشيد بناء عزتها
فشمّـر عن ساعد الجد وانفض غبار اليأس وابدأ من اليوم مشوارك البهيج لتكون في الغد القريب (عالماً من علماء الأمة العاملين) إن شاء الله.
لاتقلْ قد ذهبتْ أربابه
ياذكياً والذكاء جلبابُـه
وأديباً حَسُنتْ آدابُـه
كلُّ من سار على الدرب وصل. 

عبدالله الحويل 

الأدب (الغائب) !!



كنتُ ومازلتُ أردد:
أننا نفتقد في مشهدنا الفكري والاجتماعي ثلاثة أنواع من (الأدب):
١_أدب الخلاف
٢_أدب النصيحة
٣_أدب الحوار

والخلاف في الرأي نتيجة طبيعية تبعاً لاختلاف الأفهام وتباين العقول وتمايز مستويات التفكير.

الأمرُ غير الطبيعي أن يكون خلافنا في الرأي بوابةً للخصومات ومفتاحاً للعداوات وشرارةً توقد نارَ القطيعة.

العقلاء مازالوا يختلفون ويتحاورون في حدود (العقل) دون أن يصل أثر خلافهم لحِـمـَى (القلب).

فهم يدركون تمام الإدارك أن الناس مذ كان الناس لابد أن يختلفوا ويؤمنون بكل يقين أنه ( ﴿َلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَإِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾.

ألا نحسن أن نكون (إخواناً) حتى لو لم نتفق كما يقول الجهبذ العاقل الإمام الشافعي؟

إن اختلافي معك ياأخي لايعني أنني أكرهك أو أحتقر عقلك أو أزدري رأيك 

أحبك يا أخي 
نعم والله إني أحبك.
ولو بقينا الدهر كله (مختلفين) في الرأي.

واختلافي معك لايبيح (عرضي) ولا يحل (غيبتي) ولايجيز (قطيعتي) .

إني لأرجو أن تكون عاقلا أريباً. 
وأربأ بك أن تكون أحمقاً متعصباً 
أو متطرفاً محترقاً 

فالناس عند الخلاف ثلاثة أصناف:
١_إن لم تكن معي فلايعني أنك ضدي (وهذا منطق العقلاء).
٢_إن لم تكن معي فأنت ضدي (وهذا نهج الحمقى).
٣_إن لم تكن معي فأنت ضد الله!!!(وهذا سبيل المتطرفين).

الآراء يا أخي للعرض لا (للفرض)
وللإعلام لا (للإلزام)
وللتكامل لا (للتلاكم).

وحتى آراء العلماء في المسائل الاجتهادية لابد أن ندرك أنها رأيٌ في (الدين) وليست رأي(الدين).

إن عدم احترام رأي المخالف وإهدار (إخوته) وقطع أواصر (محبته) لهو استبدادٌ خطيرٌ يحتاج إلى (ربيع عربي فكري) فالاستبدادُ الفكري أخطر في نتائجه من الاستبدادِ السياسي.

ختاماً
عندما نحسن كيف نختلف ..سنحسن كيف نتطور .
بعضنا يتقن (أدب الخلاف)
والبعض الآخر يهوى (خلاف الأدب).
عبدالله الحويل
١٤٣٥/٨/٧

الاستشهاد بالنصوص لا (توظيف النصوص)!!



الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لها قداسة شرعية وحُرمة مرعية 

والتعامل معها إنما يكون بماشرعه الله من أوجه التعبد بها.

فنتقربُ إلى الله بتلاوتها وتفهّم معانيها والعمل بمقتضاها.
والإستشهاد بها (في مواضع الحِجَاجِ ومحال النِّزاع ) للتذكير بأمرٍ منسي أو لتقوية الرأي في خلافٍ مروي.

لكن لا يخفَ على كلِّ ذي فـِطنةٍ الفروقات الجلية بين (الاستشهاد بالنص) و (توظيف النص )!!!

توظيف النصوص لخدمة هوى النفس أو لتبرير سوء المسلك أو لتسويغ فساد الاعتقادات ، حيلةٌ يلجأ إليها من رق دينه وضعف إيمانه وقل (تعظيمه) لشرع ربه.

فالليبرالي ترتفع عقيرته منادياً بحرية الفكر (ولو كان كفراً !!!) وبإسقاط حد الردة متترساً بقوله تعالى ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾.

والعلماني يلهج صباحَ مساءَ بذكر (حقوق المرأة ) و (عمل المرأة ) و(تبرج المرأة) و(قيادة المرأة للسيارة) ولا يحفظ من سنة المعصوم ﷺ إلا حديثاً واحداً اكتتبه عنده فهو يمليه علينا بكرة وأصيلاً (النساء شقائق الرجال).

وأصحاب الشهوات يقتحمون الفواحش ويهجرون الفرائض وينغمسون في المعاصي فإن أنكر عليهم ناصحٌ أو وبّـخهُم مـُشفقٌ أشهروا في وجهه حديث(التقوى هاهنا) !!! ثم عادوا في غيـّهم يعمهون.

والمغتاب لن يتورع إذا زجره الزاجرون أن يحلف لك أنه ما قاله ليس غيبة ..بل هي نصيحة و(الدين النصيحة).

وظاهرةُ توظيف النّص توجد (وا حُرّ قلبي!!!) حتى عند بعض الصالحين!!!.

وأسألوا أئمةَ المساجد كم مرة قرع أربابُ الكسل أسماعَهم بحديث (أفتانٌ أنت يامعاذ) ؟؟

أما منْ تراجعَ همــُّــه الدعوي وتناقص حماسُه الاحتسابي فسيتدرع بآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾

ما أقبح هذا الامتهان لكتاب الله وسنة رسول الله بأن نجعلهما أداة لتسويغِ نقائصنا وتمريرِ سوء أفكارنا.

أنا لا أتحدثُ عمّن فـَهـِم النُّصوص خطأً .
كلا ياسادة!!!
حديثي مُنصبٌّ على أقوامٍ يدركون صحيح معانيها ويعقلون سليم فهمها
لكنهم يلجأون لتوظيف النصوص الشرعية كيما يلبسوا الحق بالباطل أو لخداع ماتبقى من بصائر ضمائرهم أو للحفاظ على كرامتهم المزعومة عندما يُغلبوا في ميادين (الحوار ) وساحات (النقاش).

أيها (المُوظــِّف للنصّ الشرعي) أنت لم تخدع ربك ولم تخدع الناس
أنت تخادع نفسك

عبدالله الحويل
١٤٣٥/٨/٦